ثم أبان سبحانه ما سيظهر في يوم القيامة من الفصل بين المتقين وبين المجرمين في كيفية الحشر، فقال:
{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً} أي واذكر أيها الرسول لقومك، يوم نحشر جماعة المتقين وافدين ركبانا إلى جنة الله ودار كرامته، والوفد: هم القادمون ركبانا، مراكبهم من نور من مراكب الدار الآخرة،
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «والذي نفسي بيده إن المتقين إذا خرجوا من قبورهم، استقبلوا بنوق بيض، لها أجنحة، عليها رحال الذهب» ثم تلا هذه الآية.
{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً} أي ونحث المجرمين المكذبين على السير طردا إلى جهنم، مشاة عطاشا، كالإبل ترد الماء.
{لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً} أي لا يملك أحد عند الله الشفاعة لغيره، {إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً}[النبأ ٣٨/ ٧٨]، و {مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً}: وهو شهادة أن لا إله إلا الله، والقيام بحقها، بأن كان صالح الاعتقاد والقول والعمل، وكان في الدنيا هاديا مصلحا. أما شفاعة الآلهة المزعومة فهي أمان زائفة، وأوهام فارغة، فهي لا تملك لأنفسها نفعا ولا ضرا.
روى ابن أبي حاتم عن الأسود بن يزيد قال: قرأ عبد الله بن مسعود هذه الآية: {إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً} ثم قال: اتخذوا عند الله عهدا، فإن الله يقول يوم القيامة: من كان له عند الله عهد فليقم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، فعلّمنا، قال: قولوا: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب