ولا صاحبة. قال ابن عباس وكعب: فزعت السموات والأرض والجبال، وجميع المخلوقات إلا الثقلين (الإنس والجن)، وكادت أن تزول، وغضبت الملائكة فاستعرت جهنم، وشاك الشجر، واكفهرت الأرض وجدبت حين قالوا: اتخذ الله ولدا. وقال محمد بن كعب: لقد كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة؛ لقوله تعالى:{تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً}.
وهذا تهويل عظيم، وأنه موجب غضب الله وسخطه، ولكن لولا حكمة الله وحلمه وأنه لا يبالي بكفر الكافر، لقامت القيامة، واستؤصل الكفار.
وسبب ذلك:
{أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً، وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} أي لأجل أنهم نسبوا الولد إلى الله، ولا يصلح له ولا يليق به اتخاذ الولد، لجلاله وعظمته، فإن هذا نقص، يتعالى الله ويتنزه عنه؛ لأن جميع الخلائق عبيد له.
لهذا قال مؤكدا إنكار هذه الفرية:
{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً} أي كل واحد من الخلق من الملائكة والإنس والجن لا بدّ له أن يأتي إلى الله يوم القيامة مقرّا بالعبودية، خاضعا ذليلا، معلنا أنه مملوك لله، فكيف يكون أحد المخلوقات ولدا له؟! {لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً} أي قد علم الله عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة، وعدّ أشخاصهم وأحوالهم كلها، فهم تحت سلطانه وأمره وتدبيره، وكل شيء عنده بمقدار، وكل واحد منهم يأتيه يوم القيامة، لا ناصر له ولا مال معه، ولا مجير له إلا الله وحده لا شريك له،