للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء. أما علم المخلوق فيعتريه الأمران: عدم الإحاطة بالشيء، ونسيانه بعد علمه، والله منزه عن ذلك.

وقصد فرعون بالسؤال عن الأمم الماضية أن يصرف موسى عن البراهين القوية، فيتبين للناس صدقه، ويشغله بالتواريخ والحكايات، لكن موسى تنبه لهذا، فأجاب عن إثبات الإله بأوجز عبارة وأحسن معنى، وفوض أمر الماضي إلى علام الغيوب.

وبعد أن ذكر موسى الدليل الأول العام الذي يتناول جميع المخلوقات من الإنسان وسائر الحيوانات وأنواع النبات والجمادات، ذكر بعدئذ أدلة خاصة وهي ثلاثة:

أولها-قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} أي ربي الذي جعل الأرض ممهدة كالفراش، تعيشون فيها بيسر وسهولة، وقرارا تستقرون عليها وتقومون وتنامون عليها وتسافرون على ظهرها.

ثانيها- {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً} أي جعل لكم فيها طرقا تسلكونها وسهلها لكم، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً، لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء ٣١/ ٢١]، وقال سبحانه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً، وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الزخرف ١٠/ ٤٣]، وقال عز وجل: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً، لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً} [نوح ١٩/ ٧١ - ٢٠].

ثالثها- {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتّى} أي وأنزل من السحاب مطرا، أخرجنا به أنواعا من أصناف النبات المختلفة، من زروع وثمار حامضة وحلوة ومرة، وذات ألوان وروائح وأشكال مختلفة، بعضها صالح للإنسان، وبعضها للحيوان، لذا قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>