للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد بالخلقة: الصورة.

٥ - الله هو المختص بعلم الغيب في الماضي والحاضر والمستقبل، فلما سأل فرعون عن حال وشأن الأمم الغابرة، أجابه موسى وأعلمه أن علمها عند الله تعالى، أي إن هذا من علم الغيب الذي سألت عنه، وهو مما استأثر الله تعالى به لا يعلمه إلا هو، وما أنا إلا عبد مثلك؛ لا أعلم منه إلا ما أخبرني به علام الغيوب، وعلم أحوال القرون مكتوبة عند الله تعالى في اللوح المحفوظ‍.

٦ - هذه الآية: {قالَ: عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ.}. ونظائرها تدل على تدوين العلوم وكتبها لئلا تنسى، فإن الحفظ‍ قد تعتريه الآفات من الغلط‍ والنسيان. وقد لا يحفظ‍ الإنسان ما يسمع، فيقيده لئلا يذهب عنه.

جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لما قضى الله الخلق كتب في كتاب على نفسه، فهو موضوع عنده: إن رحمتي تغلب غضبي». وفي صحيح مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بكتب الخطبة التي خطب بها في الحج لأبي شاه-رجل من اليمن-لما سأله كتبها.

وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قيدوا العلم بالكتابة».

وأسند الخطيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجل من الأنصار لا يحفظ‍ الحديث: «استعن بيمينك».

وأما النهي عن كتابة الأحاديث، فكان ذلك متقدما، فهو منسوخ بأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالكتابة، وإباحتها لأبي شاه وغيره.

قال أبو بكر الخطيب: ينبغي أن يكتب الحديث بالسواد، ثم الحبر خاصة، دون المداد (١)؛ لأن السواد أصبغ الألوان، والحبر أبقاها على مر الدهور، وهو آلة ذوي العلم، وعدة أهل المعرفة.


(١) الحبر والمداد في اللغة سواء. ولعل المراد به المداد الذي لا لون له أو لونه باهت.

<<  <  ج: ص:  >  >>