للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مريحة، ولا يحيا حياة ممتعة، فهو يألم كما يألم الحي. وهذا من قول السحرة لما آمنوا، وقيل: ابتداء كلام من الله عز وجل.

ونظير الآية قوله تعالى: {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا، وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها، كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر ٣٦/ ٣٥] وقوله سبحانه: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النّارَ الْكُبْرى، ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى} [الأعلى ١١/ ٨٧ - ١٣] وقوله عز وجل: {وَنادَوْا يا مالِكُ، لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قالَ: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ} [الزخرف ٧٧/ ٤٣].

وأخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب، فأتى على هذه الآية، فقال: «أما أهلها الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا بأهلها، فإن النار تميتهم إماتة، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون، فيؤتى بهم ضبائر (١) على نهر، يقال له: نهر الحياة أو الحيوان، فينبتون كما ينبت الغثاء في حميل السيل».

وفي الخبر الصحيح: «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان».

{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ، فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى} أي ومن يلقى ربه يوم المعاد مؤمن القلب، قد صدق ضميره بقوله وعمله، فعمل الطاعات، فأولئك لهم بإيمانهم وعملهم الصالح الجنة ذات الدرجات والمنازل العالية الرفيعة، والغرف الآمنة، والمساكن الطيبة.

أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

«الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتم الله تعالى، فاسألوه الفردوس».


(١) الضبر: الجماعة، جمع ضبور، وضبائر: جمع الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>