للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - خاف موسى عليه السلام من الحيات، حسبما يعرض لطباع البشر، كما خاف لأول مرة حينما كلمه الله بإلقاء عصاه فصارت حية عظيمة. وقيل: خاف أن يفتتن الناس قبل أن يلقي عصاه.

٣ - أزال الله الخوف عن قلب موسى بقوله له: {لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى} أي الغالب لهم في الدنيا، وأنت في الدرجات العلى في الجنة، للنبوة والاصطفاء الذي آتاك الله به. وبقوله أيضا: {وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا} أي لا تبال بكثرة حبالهم وعصيهم، وألق العصا التي بيمينك، فإنها بقدرة الله تلتهم كل ما ألقوا، وهي أعظم منها كلها، وهذه على كثرتها أقل شيء، فإنها تبتلع بإذن الله ما معهم وتمحقه.

٤ - اختلف الرواة في عدد السحرة، والظاهر كما نقل عن ابن عباس وغيره كالكلبي: أنهم كانوا اثنين وسبعين ساحرا، اثنان منهم من القبط‍، وسبعون من بني إسرائيل أكرههم فرعون على ذلك. هذا مع العلم بأن ظاهر القرآن لا يدل على شيء من العدد، والمهم أنه لا يفوز ولا ينجو الساحر حيث أتى من الأرض، أو حيث احتال، ولا يحصل مقصوده بالسحر خيرا كان أو شرا، وذلك يقتضي نفي السحر بالكلية.

٥ - خر السحرة ساجدين لله، لما رأوا من عظيم الأمر وخرق العادة في العصا؛ فإنها ابتلعت جميع ما احتالوا به من الحبال والعصي، وكانت حمل ثلاث مائة بعير، ثم عادت عصا، لا يعلم أحد أين ذهبت الحبال والعصي إلا الله تعالى (١).

وفي قوله: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً} دلالة على أنه ألقى العصا، وصارت حية، وتلقفت ما صنعوه، وفي التلقف دلالة على أن جميع ما ألقوه تلقفته،


(١) تفسير القرطبي: ٢٢٤/ ١١

<<  <  ج: ص:  >  >>