١٠ - لم يتراجع السحرة عن إيمانهم بالرغم من شدة التهديد والوعيد وقالوا لفرعون: لن نختارك على ما جاءنا من اليقين والعلم، ولا على الذي فطرنا، أي خلقنا، فافعل ما شئت، إنما ينفذ أمرك في هذه الدنيا.
إننا صدقنا بالله وحده لا شريك له وما جاءنا به موسى ليغفر الله لنا خطايانا، أي الشرك الذي كانوا عليه، ويغفر لنا ما أكرهتنا عليه من السحر، وثواب الله خير وأبقى.
قال عكرمة وغيره: لما سجدوا أراهم الله في سجودهم منازلهم من الجنة؛ فلهذا قالوا:{لَنْ نُؤْثِرَكَ}.
وكانت امرأة فرعون تسأل من غلب؟ فقيل لها: غلب موسى وهارون؛ فقالت: آمنت برب موسى وهارون. فأرسل إليها فرعون فقال: انظروا أعظم صخرة، فإن مضت على قولها فألقوها عليها؛ فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء، فأبصرت منزلها في الجنة، فمضت على قولها فانتزعت روحها، وألقيت الصخرة على جسدها، وليس في جسدها روح.
١١ - استمر السحرة في وعظ فرعون وغيره وتحذيره من عذاب الآخرة وترغيبه في العمل للجنة، فقالوا: إن المجرم يدخل النار، والمؤمن يدخل الجنة، والمجرم: هو الكافر بدليل مقابلته بالمؤمن في الآية التالية: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً.}. وصفة الكافر المكذب الجاحد أنه في جهنم لا يموت فيها ولا يحيا. وإذا كان هذا كلام السحرة، فلعلهم سمعوه من موسى أو من بني إسرائيل، إذ كان فيهم بمصر أقوام، وكان فيهم أيضا المؤمن من آل فرعون. ويحتمل أن يكون ذلك إلهاما من الله لهم، أنطقهم بذلك لما آمنوا.
وقد استدل المعتزلة بهذه الآية على وعيد أصحاب الكبائر، وقالوا: صاحب الكبيرة مجرم، وكل مجرم فإن له جهنم لقوله:{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} ومن