{وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى} أي أضل فرعون قومه عن سبيل الرشاد، وما هداهم إلى طريق النجاة حينما سلك بهم في الطريق الذي سلكه بنو إسرائيل في وسط البحر.
ثم بدأ الله تعالى يعدد نعمه على بني إسرائيل، مقدما إزالة المضرة على جلب المنفعة، وهو ترتيب حسن معقول؛ لأن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» فقال:
١ - {يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ} أي قلنا لهم بعد إنجائهم:
يا بني إسرائيل، قد أنجيناكم من عدوكم: فرعون، الذي كان يذبح أبناءكم ويستحيي نساءكم، وأقررنا أعينكم منهم، حين أغرقتهم وأنتم تنظرون إليهم، فقد غرقوا في صبيحة واحدة، لم ينج منهم أحد، كما في آية أخرى:{وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}[البقرة ٥٠/ ٢] وهو إشارة إلى إزالة الضرر.
٢ - {وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} أي جعلنا لكم ميقاتا وهو موعد تكليم موسى بحضرتكم، وإنزال التوراة ذات الشريعة المفصلة، وأنتم تسمعون الكلام الذي يخاطبه به رب العزة. وكان مكان الموعد جانب جبل الطور الأيمن، وهو جبل في سيناء. قال المفسرون: ليس للجبل يمين ولا يسار، بل المراد أن طور سيناء عن يمين من انطلق من مدين إلى مصر.
٣ - {وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى} أي وأنزلنا عليكم المن والسلوى وأنتم في التيه، أما المن: فهو حلوى كانت تنزل عليهم من الندى من السماء، من الفجر إلى طلوع الشمس، على الحجارة وورق الشجر. وأما السلوى: فهو طائر السماني الذي تسوقه ريح الجنوب، فيأخذ كل واحد منكم ما يكفيه.
{كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ} أي وقلنا لهم: أنعموا بالأكل من تلك الطيبات المستلذات من الأطعمة الحلال.