{قالَ: فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ}؟ أي قال موسى للسامري: ما شأنك، وما الذي حملك على ما صنعت؟ سأله ليتخذ من جوابه وإقراره حجة للناس ببطلان فعله وقوله.
{قالَ: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ، فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ، فَنَبَذْتُها} أي قال السامري: رأيت جبريل حين جاء لهلاك فرعون على فرس، فأخذت قبضة من أثر فرسه-والقبضة: ملء الكف، والقبضة بأطراف الأصابع، وذلك الأثر لا يقع على جماد إلا صار حيا-فطرحتها في الحلي المذابة المسبوكة على صورة العجل، فصنعت لهم تمثال إله، حينما رأيتهم يطلبون منك أن تجعل لهم إلها كآلهة المصريين عبدة الأصنام.
قال مجاهد: نبذ السامري، أي ألقى ما كان في يده على حلية بني إسرائيل، فانسبك عجلا جسدا له خوار: وهو حفيف الريح فيه.
{وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} أي كما زينت لي نفسي السوء، زينت لي أيضا وحسنت هذا الفعل بمحض الهوى، أو حدثتني نفسي، لا بإلهام إلهي أو ببرهان نقلي أو عقلي.
فأخبره موسى بجزائه في الدنيا والآخرة، فقال:{قالَ: فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ: لا مِساسَ، وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} أي قال موسى للسامري: فعقوبتك في الدنيا أن تذهب من بيننا وتخرج عنا، وأن تقول ما دمت حيا: لا يمسك أحد، ولا تمس أحدا، وأمر موسى بني إسرائيل ألا يخالطوه ولا يقربوه ولا يكلموه عقوبة له، وهذه هي عقوبة النبذ من المجتمع أو العزل المدني.