مُعْرِضُونَ} فنفض يده من البنيان، وقال: والله، لا بنيت أبدا وقد اقترب الحساب.
وفي الآية دليل على قرب القيامة، لذا قال صلّى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي عن أنس:«بعثت أنا والساعة كهاتين».
ثم استدل الله تعالى على غفلة الناس، فقال:
{ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ. لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} أي ما يأتي أولئك الكفار من قريش وأشباههم من قرآن جديد إنزاله، ينزل سورة سورة، وآية آية، على وفق المناسبات والوقائع، إلا استمعوه وهم لاهون ساخرون مستهزءون، متشاغلة قلوبهم عن التأمل وتفهم معناه.
وهذا ذم صريح للكفار، وزجر لأمثالهم عن تعطيل الانتفاع بما يحقق لهم السعادة في الدنيا والآخرة.
وقوله {مُحْدَثٍ} لا يوهم كون القرآن مخلوقا، فإن الحروف المنطوق بها، والصوت المسموع حادث بلا شك، وأما أصل القرآن الذي هو كلام الله تعالى النفسي فهو قديم بقدم الله تعالى وصفاته القدسية.
ثم وصف الله تعالى موقف الكفار عند نزول القرآن فقال:
{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي وأخفوا التناجي والكلام فيما بينهم، بل وبالغوا في الإخفاء حتى لا يطلع أحد على تناجيهم، قائلين:
{هَلْ هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؟} أي هل محمد صلّى الله عليه وسلم إلا بشر كغيره من الناس، أمثالكم في تكوينه وعقله وتفكيره، فكيف يختص بالرسالة دونكم؟ وهذا ناشئ من اعتقادهم أن الرسول النبي لا يكون إلا ملكا، وأن كل من ادّعى الرسالة من