{لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا إِنْ كُنّا فاعِلِينَ} أي لو شئنا أن نتخذ ما يلهو كما يتخذ العباد من الزوج والولد، لاتخذناه مما لدينا من الملائكة والحور العين، إن كنا نقصد اللهو ونفعل اللعب. واللهو: المرأة بلسان أهل اليمن، والولد أيضا؛ لأنه ملازم للمرأة.
وهو كقوله تعالى:{لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً، لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ، سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ}[الزمر ٤/ ٣٩]. وهذا رد على من اتخذ المسيح أو عزيرا ابنا لله تعالى.
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ، فَإِذا هُوَ زاهِقٌ} أي بل إننا نبين الحق، فيدحض الباطل ويزيله، فإذا هو زائل مبدّد، ذاهب مضمحل.
و {بَلْ} هنا إضراب عن اتخاذ اللهو واللعب، وتنزيه منه لذاته، فليس من صفاتنا وحكمتنا اللعب، وإنما تغليب الجد على اللهو، ودحض الباطل بالحق، كأنه قال: سبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب، بل من عادتنا تغليب الجد على اللهو، ودحض الباطل بالحق.
وقد استعار القذف والدمغ لضياع الباطل وفنائه، لتصويره بالصورة الحسية المؤثرة التي ترسخ في الأذهان، وتدل على قوة الحق، وضعف الباطل، حتى لكأنه غير موجود.
وإذا كان هذا من شأننا فكيف لا نبين الحق وننذر الناس، وإلا كنا لاهين لاعبين. فقوله:{إِنْ كُنّا فاعِلِينَ} معناه: ما كنا فاعلين، مثل {إِنْ أَنْتَ إِلاّ نَذِيرٌ}[فاطر ٢٣/ ٣٥] أي ما أنت إلا نذير. و {أَنْ} بمعنى الجحد، وقيل:
إنها بمعنى الشرط، أي إن كنا فاعلين ذلك ولكن لسنا بفاعلين ذلك؛ لاستحالة أن يكون لنا ولد.
{وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ} أي ولكم أيها القائلون: لله ولد، أو أيها