{فَسُبْحانَ اللهِ} تنزيها لله عما وصفوه به {رَبِّ الْعَرْشِ} خالق الكرسي {عَمّا يَصِفُونَ} أي تنزيها لله عما يصف الكفار الله به من الشريك له، وغير ذلك.
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} أي بل اتخذوا من دون الله تعالى أي سواه آلهة، وفيه استفهام توبيخ، وكرره استعظاما لكفرهم، وتبكيتا، وإظهارا لجهلهم، والمعنى: أوجدوا آلهة ينشرون الموتى، فاتخذوهم آلهة، لما وجدوا فيهم من خواص الألوهية، أو وجدوا في الكتب الإلهية الأمر بإشراكهم، فاتخذوهم تنفيذا للأمر، ثم أبان فساد الأول عقلا، والثاني نقلا، فقال:
{قُلْ: هاتُوا بُرْهانَكُمْ} أي أحضروا برهانكم على ذلك من العقل أو النقل، فإنه لا يصح القول بما لا دليل عليه.
{هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} أي هذا هو القرآن المنزل على من معي أي على أمتي أي عظة لهم {وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} أي والكتب السماوية المنزلة على الأمم قبلي وهي عظة لهم، وهي التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله، ليس في واحد منها أن مع الله إلها، مما قالوا. وإنما فيها الأمر بالتوحيد، والنهي عن الإشراك. وإضافة الذكر إليهم؛ لأنه عظتهم.
{لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ} أي توحيد الله، ولا يميزون بين الحق والباطل {فَهُمْ مُعْرِضُونَ} عن التوحيد واتباع الرسول من أجل ذلك، وعن النظر الموصل إليه.
{فَاعْبُدُونِ} أي وحدوني {وَلَداً} من الملائكة {سُبْحانَهُ} تنزيه له عن ذلك. {بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ} أي بل هم {عِبادٌ} مخلوقون، عنده {مُكْرَمُونَ}: مقربون لديه، والعبودية تنافي الولادة، فليسوا بأولاد.
{لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} أي لا يتكلمون حتى يأمرهم، ولا يأتون بقولهم إلا بعد قوله {وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} لا يعملون قط ما لم يأمرهم به، ويعملون بعد أمره {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} أي يعلم ما عملوا وما هم عاملون، لا يخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا، وهو كالعلة لما قبله، والتمهيد لما بعده، وبذلك يضبطون أنفسهم، ويراقبون أحوالهم. {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى} أن يشفع له، مهابة منه {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ} أي من عظمته ومهابته تعالى {مُشْفِقُونَ} خائفون مرتعدون.
{وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ} من الملائكة أو من الخلائق {إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ} أي غير الله وهو إبليس، دعا إلى عبادة نفسه، وأمر بطاعتها {فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} هذا تهديد للمشركين بتهديد مدعي الربوبية {كَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ} المشركين أي من أظلم بالإشراك وادعاء الربوبية.