{وَقالُوا: اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً} أي وقال بعض العرب وهم بطون من خزاعة وجهينة وبني سلمة: الملائكة بنات الله، فرد الله عليهم بقوله:
{سُبْحانَهُ} أي تنزيها له عن الولد، فإن الولد يشبه أباه في شيء، ويخالفه في أشياء، فلو كان لله ولد لأشبهه من بعض الوجوه، وخالفه من وجوه أخرى، فيقع التركيب في ذات الله تعالى، والله سبحانه منزه عن مشابهة الحوادث، ولا مجانسة بين الخالق والمخلوق.
ولما نزه سبحانه نفسه عن الولد، أخبر عن الملائكة بقوله:
{بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ} أي ليس الملائكة بنات الله، بل هم عباد مخلوقون له، مقربون لديه، والعبودية تنافي الولادة، إلا أنهم مفضلون على سائر العباد.
ومن خصائصهم أنهم:
١ - {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ، وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} أي لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يخالفونه فيما أمرهم به، بل يبادرون إلى فعله، وهو تعالى عالم محيط علمه بهم، فلا يخفى عليه منهم خافية، كما قال:
٢ - {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} أي يعلم ما تقدم منهم من عمل، وما هم عاملون في المستقبل، أي كما أن قولهم تابع لقول الله، فعملهم أيضا مبني على أمره، لا يعملون عملا ما لم يؤمروا به، وجميع ما يأتون ويذرون في علم الله واطلاعه، وهو مجازيهم عليه، فلا يزالون يراقبونه في جميع أحوالهم، ويضبطون أنفسهم عن أي مخالفة لأمره.
٣ - {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى} أي لا يجسرون أن يشفعوا إلا لمن ارتضاه الله، وأهّله للشفاعة، فلا تعلقوا الآمال على شفاعتهم بغير رضا الله تعالى.