على الأعداء، ويحقق لهم الغلبة، ويمكّن لهم في الأرض، تأييدا لدين الله وإعلاء لكلمته.
والجهاد كما يكون بالنفس يكون أيضا بالمال، فهو يحتاج إلى الأنفس المقاتلة، وإلى الأموال التي يشترى بها السلاح، وينفق بها على المحاربين، لذا أمر الله بإنفاق المال في سبيل الجهاد، فقال: وابذلوا المال في سبيل الله أي سبيل الجهاد لشراء العتاد والسلاح ونفقات الحرب، فالإنفاق في الحروب والمال في المعارك يدعم القتال، ويحقق النصر والفوز، واحذروا من التلكؤ والتقصير في واجب الإنفاق، فإنه مهلكة للأمة، مضيعة للجماعة، إتلاف للأنفس، وإياكم أن تلقوا بأنفسكم إلى سبل الدمار والهلاك، وأعدوا العدة اللازمة المكافئة للقتال بحسب كل زمان ومكان وحال كما قال الله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال ٦٠/ ٨] بتعليم الرجال القتال، وإعداد السلاح المناسب المتطور، وتحصين النفوس بالخلق المتين والعلم الصحيح، فإن الجيوش الجرارة قد تصاب في كبدها من ضعفاء النفوس الذين يشتريهم العدو بالرشوة والمال وأنواع الإغراءات المادية والمعنوية، كما أنها قد تخسر الحرب بسبب جهلها ونقص تكوينها وتقصيرها عن مستوى أعدائها في التخطيط والتدبير والتدرب على استعمال السلاح الحديث.
وما أروع وأحكم ما ختمت به هذه الآية: وهو إحسان العمل، فأحسنوا أعمالكم بامتثال الطاعات وأتقنوها، فالله يحب المحسنين ويجازيهم أحسن الجزاء، وذلك مكمل للجانب الأدبي الرفيع والحضاري السامي الذي ختمت به الآية السابقة وهو التزام التقوى والفضيلة، فتكون الخاتمتان قد جمعتا بين وسائل القوتين المادية والمعنوية ومقوماتها وقيودها.