وأنعم عليهم، وإليه مرجعهم، و {هُمْ} الثانية توكيد كفرهم أي فهم الكافرون، مبالغة في وصفهم بالكفر. والمراد أنهم كيف يعجبون منك ومن صنيعك بنبذ آلهتهم ووصفها بالسوء، وهم أشد عجبا، إذ يكفرون بالله، ويستهزئون برسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما قال تعالى في الآية الأخرى:{وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاّ هُزُواً، أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً. إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا، لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً}[الفرقان ٤١/ ٢٥ - ٤٢].
والخلاصة: أنهم يعيبون على النبي ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء، مع أنهم كافرون بالرحمن الذي هو المنعم الخالق المحيي المميت، ولا فعل أقبح من ذلك، فالهزء والذم يعود عليهم من حيث لا يشعرون، وهم أحق بالاستهزاء والسخرية؛ لأنهم وضعوا الشيء في غير موضعه.
وبالرغم من هذا فهم أناس حمقى طائشون متهورون يستعجلون بمجيء العذاب الذي تهددهم به يا محمد، فقال تعالى:
{خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق عجولا، أو فطر الإنسان على العجلة، والمراد نوع الإنسان، وقيل: إنه شخص معين، حتى لكأن التعجل جزء من تكوينه وفطرته، وسجيته وطبعه كما قال تعالى:{وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً} في الأمور [الإسراء ١١/ ١٧]، فاستعجل هؤلاء المشركون عذاب الله وآياته الملجئة إلى الإيمان والإقرار بالعبودية، وبرسالة محمد صلّى الله عليه وسلم، فالمراد بالآيات: أدلة التوحيد وصدق الرسول، أو الهلاك المعجل في الدنيا والعذاب في الآخرة، ولذلك قال:{فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} أي أنها ستأتي لا محالة في وقتها، ثم حكى الله تعالى قولهم:
{وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي إنهم يستعجلون أيضا