موسى وهارون كما قيل، وكان الله عالما بأنه أهل لإيتاء الرشد وصالح للنبوة.
٢ - كان لإبراهيم موقف جريء رائع من الأصنام وعبدتها، فقال لأبيه آزر وقومه أي النمروذ ومن اتبعه: ما هذه التماثيل التي أنتم مقيمون على عبادتها؟.
فأجابوه بأنهم يعبدونها تقليدا للأسلاف، فيرد عليهم بأنهم وآباءهم في خسران مبين بعبادتها؛ إذ هي جمادات لا تنفع ولا تضر ولا تعلم.
وكأنهم لم يصدقوا قوله، فسألوه: هل جئتنا بحق فيما تقول أم أنت لاعب مازح؟ فكان إبراهيم صارما مجدا في إظهار الحق الذي هو التوحيد قولا وفعلا، أما القول فقال:{بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} أي خلقهن وأبدعهن. {وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ} أي إنني شاهد على أنه رب السموات والأرض، والشاهد يبين الحكم، وأنا أبين بالدليل ما أقول.
وأما الفعل: فإنه كسر الأصنام وكان عددها سبعين، فعل واثق بالله تعالى، موطّن نفسه على تحمل المكروه في سبيل رفع لواء الدين الحق، وإعلاء راية التوحيد لله. وترك كبير الأصنام وعظيم الآلهة في الخلق، فإنه لم يكسره.
قال السدي ومجاهد: ترك الصنم الأكبر، وعلّق الفأس الذي كسر به الأصنام في عنقه؛ ليحتج به عليهم.
وهذا هو معنى قوله:{لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} أي إلى الصنم الأكبر يرجعون في تكسيرها، كما يرجع إلى العالم أو الزعيم في حل المشكلات، فيقولون له: ما لهؤلاء مكسورة، ومالك صحيحا، والفأس على عاتقك؟. وحينئذ يتبين لهم أنه عاجز لا ينفع ولا يضر، ويظهر لهم أنهم في عبادته على جهل عظيم.
وذكر القرطبي والرازي وجها آخر في تفسير ذلك: وهو لعلهم إلى إبراهيم