علمك وعلمهم بنبذ العهد على السواء، وهذا معنى الآية هنا {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ} أي أعلمتكم ببراءتي منكم، وبراءتكم مني، لعلمي بذلك، وقد استوينا في هذا العلم.
{وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ} أي إن ما توعدون من العذاب وغلبة المسلمين عليكم واقع كائن لا محالة، ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده.
{إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ، وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ} أي إن الله يعلم الغيب جميعه، ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون، يعلم ما تجهرون به من الطعن في الإسلام، وما تضمرونه من الحقد والكيد على المسلمين، وسيجزيكم على قليل ذلك وكثيره.
{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ} أي وما أدري لعل تأخير العذاب عنكم ابتلاء واختبار لكم، وتمتع بلذات الدنيا إلى أجل مسمى، لينظر كيف تعملون.
{قالَ: رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} أي قال النبي: ربنا افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق والعدل، فقولك الحق، وأنت الحق، ووعدك الحق، وحكمك بالحق، ولا تحب إلا الحق. قال قتادة: كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون:
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ}[الأعراف ٨٩/ ٧] وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يقول ذلك.
وروى مالك عن زيد بن أسلم: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا شهد غزاة قال: {رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ}.
{وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ} أي والله ربنا هو المطلوب منه العون على ما تصفون من الشرك والكفر، والكذب والباطل، وهو القول: بأن لله ولدا، وأني ساحر شاعر، وأن القرآن شعر، وعلى ما تطمعون أن تكون الشوكة والغلبة لكم.