وفي رواية:«يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم أربعين يوما علقة، ثم أربعين يوما مضغة، ثم يبعث الملك، فينفخ فيه الروح» أي إن أطوار الجنين الأولى أربعة أشهر، قال ابن عباس: وفي العشر بعد الأشهر الأربعة ينفخ فيه الروح، فذلك عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر.
ويلاحظ أن الخلق والتصوير للملك نسبة مجازية لا حقيقية، وأن النفخ سبب يخلق الله به الروح والحياة، وأن الخلق بقدرة الله واختراعه؛ لقوله تعالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ}[الأعراف ١١/ ٧]. {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}[غافر ٦٤/ ٤٠] وللآية هنا: {فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ.} .. وتكون الحياة في المادة المنوية عند التقائها ببويضة المرأة حياة نباتية خلوية.
ولم يختلف العلماء أن نفخ الروح الحركية في الجنين يكون بعد مائة وعشرين يوما، أي بعد تمام أربعة أشهر، ودخول الشهر الخامس.
لذا ليست النطفة بشيء يقينا، كما قال القرطبي، ولا يتعلق بها حكم إذا ألقتها المرأة إذا لم تجتمع في الرحم، كما لو كانت في صلب الرجل، فإذا طرحته علقة، فقد تحققنا أن النطفة قد استقرت واجتمعت واستحالت إلى أول أحوال وجود الولد، فيكون وضع العلقة فما فوقها من المضغة وضع حمل، تبرأ به الرحم، وتنقضي به العدّة، ويثبت به لها حكم أم الولد. وهذا مذهب مالك وأصحابه.
وقال الشافعي: لا اعتبار بإسقاط العلقة، وإنما الاعتبار بظهور الصورة والتخطيط، أي بإلقاء المضغة المخلقة دون الأربعة أشهر (١). قال ابن زيد:
المخلّقة: التي خلق الله فيها الرأس واليدين والرجلين.