الله به ذلك عدلا في معاقبته الفجار وإثابته الصالحين؛ لأن الله لا يظلم عباده.
أو يقال له هذا تقريعا وتوبيخا، كقوله تعالى:{خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ، ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ، ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ، إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ}[الدخان ٤٧/ ٤٤ - ٥٠]. ونظير آية العدل:{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم ٣١/ ٥٣].
والخلاصة: أن هذا العقاب حق وعدل بسبب جرم الكفر والإثم الفاحش.
وأما الفئة الثانية أهل الضلالة الأشقياء: فهم أهل الشك والنفاق والمصلحة والمنفعة المادية، وهم:{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ.}. أي وبعض الناس يعبد الله على شك وطرف من الدين لا في القلب، كمن يقف على حافة واد، أو على طرف الجيش ليفر عند الإحساس بالهزيمة، فهو مضطرب الإيمان، غير مطمئن القلب، غير واثق بهذا الدين، ولا صادق النية، ولا مخلص في العبادة، وهم صنف من المنافقين.
{فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ.}. أي فإن أصابه خير مادي من غنيمة ومال، وزيادة نتاج في الولد ونسل الحيوان، رضي عن هذا الدين. واطمأن إليه. وإن أصابه مرض أو لم تلد امرأته، ولا ماشيته، أي أحس بنقص في المال أو الأنفس، أو هلاك أو جدب في الثمرات والغلات، ارتد ورجع كافرا، وهذا هو النفاق بعينه.
{خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ، ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ} أي ضيع الدنيا والآخرة، فلا هو حصل من الدنيا على شيء من عز وكرامة وغنيمة، ولا استفاد من ثواب الآخرة، لأنه كفر بالله العظيم، فهو فيها في غاية الشقاء والإهانة، وذلك هو الخسران البيّن الذي لا خسران مثله، أو هي الخسارة العظيمة والصفقة الخاسرة.