كانت الشرائع في كل عصر، ومن الخطأ البيّن التمسك بما كان للأولين من شريعة التوراة والإنجيل؛ لأن القرآن نسخ ما قبله من الشرائع.
٢ - إن خاصم الناس بالباطل، كمخاصمة مشركي مكة محمدا صلّى الله عليه وسلم، فليقل المؤمن:{اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ} من الكفر والتكذيب، وهذا أمر من الله تعالى لنبيه بالإعراض عن مماراة قومه، صيانة له عن الاشتغال بتعنتهم، ولا جواب لصاحب العناد، فإنهم إن أبوا إلا المجادلة بعد الاجتهاد بتسوية النزاع، فليدفعوا بأن الله أعلم بأعمالكم وبقبحها، وبما تستحقون عليها من الجزاء، فهو مجازيكم به.
وهذا وعيد وإنذار، ولكن برفق ولين.
٣ - الله تعالى هو الذي يحكم بين النبي صلّى الله عليه وسلم وقومه، وبين المؤمنين والكافرين فيما يختلفون فيه من أمر الدين، فيعرف حينئذ الحق من الباطل.
قال القرطبي: في هذه الآية أدب حسن علّمه الله عباده في الرد على من جادل تعنتا ومراء ألا يجاب ولا يناظر، ويدفع بهذا القول الذي علمه الله لنبيه صلّى الله عليه وسلم.
٤ - على النبي صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين من بعده الدعوة إلى دين الله الحق، فإن هذا الدين طريق واضح مستقيم مؤد إلى المقصود، وعلى كل داعية إلى الله وتوحيده وعبادته ألا يعبأ بالعثرات، وألا يهتم بمراء المجادلين، ومحاولاتهم الوقوف في وجه الدعوة.
٥ - الله عليم بأحوال الناس وبما هم مختلفون فيه، وإن كل ما يجري في العالم هو مكتوب عند الله في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ، وإن العلم الشامل بما في السماء والأرض، والفصل بين المختلفين يسير جدا على الله تعالى.
ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء»