{وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} أي كما أنهم عاجزون عن خلق ذبابة واحدة، هناك ما هو أبلغ من ذلك عاجزون من مقاومته والانتصار منه، فلو سلبوا شيئا مما عليها من الطيب، لا تقدر أن تستنقذوه منه، علما بأن الذباب أضعف مخلوقات الله، لذا قال:
{ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} أي عجز الطالب وهو الإله المعبود من استنقاذ الشيء المسلوب من الذباب المطلوب، أو ضعف عابد الصنم، والصنم المعبود.
وهذا يدل على جهالتهم وغباوتهم؛ لأن العابد يتأمل عادة النفع أو دفع الضّرّ من المعبود، وعابد الصنم لا يحقق لنفسه شيئا، مما يدل على حقارة الصنم وضعفه، وغباء عابده، فكيف يصح جعله مثلا لله في العبادة. ثم قال تعالى مؤكدا عبثهم وجهلهم وعدم معرفتهم حق الله تعالى:
{ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي ما عرفوا قدر الله وعظمته، وما عظموه حق التعظيم، حين عبدوا معه غيره، كهذه المخلوقات الجمادات التي لا تقاوم الذباب لضعفها.
والله هو القوي القادر الذي بقدرته وقوته خلق كل شيء، العزيز الذي عز كل شيء فقهره وغلبه، فلا يغالب ولا يمانع، لعزته وعظمته وسلطانه، فهو الجدير بالعبادة والتعظيم.
ثم انتقل بيان الله تعالى من الإلهيات إلى النبوات فقال:
{اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ} أي أن الله يختار من الملائكة رسلا لتبليغ الوحي إلى الأنبياء، ومن الناس لإبلاغ الرسالة إلى العباد،