الربوبية، كما قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ}[لقمان ٢٥/ ٣١]، ولا يعترفون بتوحيد الألوهية والعبادة، فعبدوا الأصنام والأوثان ومعبودات أخرى.
٤ - {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} أي والذين يعطون العطاء، وهم وجلون خائفون ألا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط؛ روى الإمام أحمد والترمذي وابن أبي حاتم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، {الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عزّ وجلّ؟ قال:«لا يا بنت أبي بكر، يا بنت الصدّيق، ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق، وهو يخاف الله عزّ وجلّ».
وقوله تعالى:{أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} أي لأنهم أو من أجل أنهم.
والإيتاء لا يقتصر على العطاء المادي من زكاة أو صدقة، وإنما يشمل كل حق يلزم إيتاؤه، سواء كان ذلك من حقوق الله تعالى، كالزكاة والكفارة وغيرهما، أو من حقوق الآدميين، كالودائع والديون والعدل بين الناس؛ لأن من يؤدي الواجب من عبادة أو غيرها، وهو وجل من التقصير والإخلال بنقصان أو غيره، فإنه يكون مجتهدا في أن يوفّيها حقها في الأداء.
وترتيب هذه الصفات في نهاية الحسن؛ لأن الصفة الأولى دلت على حصول الخوف الشديد الموجب للاحتراز عما لا ينبغي، والصفة الثانية دلت على أصل الإيمان والتعمق فيه، والصفة الثالثة دلت على ترك الرياء في الطاعات، والصفة الرابعة دلت على الإتيان بالطاعات مع الخوف من التقصير، وذلك هو نهاية مقامات الصديقين.