بذكر القرآن وبالطعن فيه. وضمير {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} كما قال الجمهور: هو عائد على الحرم أو المسجد أو البلد الذي هو مكة، وإن لم يذكر سابقا؛ لشهرته في الأمر.
٤ - روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إنما كره السّمر حين نزلت هذه الآية: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ، سامِراً تَهْجُرُونَ} يعني أن الله تعالى ذم أقواما يسمرون في غير طاعة الله تعالى، إما في هذيان، وإما في إذاية.
وروى مسلم عن أبي برزة قال:«كان النبي صلّى الله عليه وسلم يؤخر العشاء إلى ثلث الليل، ويكره النوم قبلها، والحديث بعدها». أما كراهية النوم قبلها فلئلا يعرّضها للفوات عن كل وقتها أو أفضل وقتها، وهذا مذهب مالك والشافعي.
وأما كراهية الحديث بعدها، فلأن الصلاة قد كفرت خطاياه، فينام على سلامة، وقد ختم الكتّاب صحيفته بالعبادة، فإن سمر وتحدث، فيجعل خاتمتها اللغو والباطل، وليس هذا من فعل المؤمنين. وأيضا السمر في الحديث والسهر يفوت عليه غالبا قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح.
روى أحمد حديثا:«لا سمر بعد الصلاة» أي العشاء الآخرة.
روى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إياكم والسّمر بعد هدأة الرجل، فإن أحدكم لا يدري ما يبث الله تعالى من خلقه، أغلقوا الأبواب، وأوكوا السّقاء، وخمّروا الإناء، وأطفئوا المصابيح».
وهذه الكراهية إنما تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعليم العلم، ومسامرة الأهل بالعلم وبتعليم المصالح وما شابه ذلك، فقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلم وعن السلف ما يدل على جواز ذلك، بل على ندبه.
٥ - إن إقدام الكفار على الأمور الثلاثة المتقدمة لأسباب أربعة: هي عدم تدبرهم القرآن أي عدم تفهمهم له، واعتقادهم أن مجيء الرسل على خلاف العادة، وتجاهلهم وإنكارهم خصال الرسول صلّى الله عليه وسلم قبل النبوة، فإنهم عرفوه وعرفوا أنه من