وزيد بن خالد الجهني أن أعرابيين أتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال أحدهما:
يا رسول الله إن ابني هذا كان عسيفا-أجيرا-على هذا، فزنى بامرأته، فافتديت ابني منه بمئة شاة ووليدة-أمة-فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا: الرجم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى: الوليدة والغنم ردّ عليك، وعلى ابنك مائة جلدة، وتغريب عام، واغد يا أنيس-رجل من أسلم-إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» فغدا عليها، فاعترفت، فرجمها.
وروى جماعة من الصحابة في الصحاح وغيرها بالنقل المتواتر أن ماعز بن مالك الأسلمي اعترف بالزنى أمام الرسول صلّى الله عليه وسلم وهو في المسجد أربع مرات، فأمر الرسول برجمه.
وروى مسلم وأحمد وأبو داود عن بريدة أن امرأة من بني غامد أقرت بالزنى، فرجمها الرسول صلّى الله عليه وسلم بعد أن وضعت.
وأنكر الخوارج مشروعية حد الرجم؛ لأنه لا يتنصف، فلا يصح أن يكون حدا للمحصنات من الحرائر، والله تعالى جعل حد الإماء نصف حد المحصنات الحرائر في قوله:{فَإِذا أُحْصِنَّ، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ، فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ}[النساء ٢٥/ ٤]، ولأن الرجم لم يذكر في القرآن في حد الزنى، ولأن آية الجلد عامة لكل الزناة، فلا تخصص بخبر الواحد المروي في حد الرجم.
ورد الجمهور على تلك الأدلة بأن التنصيف وارد في الجلد، فبقي ما عداه وهو الرجم على عمومه، وبأن الأحكام الشرعية كانت تنزل بحسب تجدد المصالح، فلعل المصلحة التي اقتضت وجوب الرجم حدثت بعد نزول آية الجلد، وأما تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد فهو جائز عندنا، بل إن أحاديث الرجم ثابتة بالتواتر المعنوي، والآحاد في تفاصيل الصور والخصوصيات.