للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجة مالك: حديث جابر الطويل عند مسلم، وفيه: فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصّفرة قليلا، حتى غاب القرص، وأفعاله عليه الصلاة والسلام على الوجوب، لا سيّما في الحج،

وقد قال: «خذوا عني مناسككم».

وهل على من وقف نهارا فقط‍ في عرفات شيء؟ أوجب الجمهور (غير الشافعية) الوقوف إلى غروب الشمس، ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة، اقتداء بفعل النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فإن أفاض (دفع) قبل غروب الشمس، ولم يرجع، فحجّه صحيح تام، وعليه دم عند الحنفية والحنابلة، وقال مالك: عليه حجّ قابل، وهدي ينحره في حجّ قابل، وهو كمن فاته الحج. وذهب الشافعية:

إلى أنه يسنّ الجمع بين الليل والنهار فقط‍، اتّباعا للسّنة، فإن أفاض قبل الغروب، فلا دم عليه، وإن لم يعد إلى عرفة ليلا،

للخبر الصحيح: «من أتى عرفة قبل الفجر ليلا أو نهارا، فقد تمّ حجه».

والأفضل أن يقف بعرفة راكبا لمن قدر على الركوب، اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأنه أعون على الدعاء، فإن لم يقدر على الركوب وقف قائما على رجليه داعيا، ما دام يقدر، ولا حرج عليه في الجلوس إذا لم يقدر على الوقوف. وفي الوقوف راكبا تعظيم للحج قال الله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ، فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج ٣٢/ ٢٢].

وظاهر عموم القرآن والسّنة الثابتة يدلّ على أن عرفة كلها موقف،

قال صلّى الله عليه وسلّم: «ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف».

ويوم عرفة فضله عظيم وثوابه جسيم، يكفر الله فيه الذنوب العظام، ويضاعف فيه الصالح من الأعمال،

قال صلّى الله عليه وسلّم في الصحيح: «صوم يوم عرفة يكفّر السنة الماضية والباقية»، وهذا سنّة لغير الحاج، وصام بعض أهل العلم بعرفة يوم عرفة،

وقال أيضا: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت

<<  <  ج: ص:  >  >>