المعصية لا يختلف بظن فاعلها وحسبانه، وأنه يجب على المكلف أن يستعظم الإقدام على كل محرّم.
١٠ - عاتب الله جميع المؤمنين بأنه كان ينبغي عليهم إنكار خبر الإفك، وألا يحكيه أو ينقله بعضهم عن بعض، وأن ينزهوا الله تعالى عن أن يقع هذا من زوج نبيه صلّى الله عليه وسلم، وأن يحكموا على هذه المقالة بأنها بهتان، وحقيقة البهتان: أن يقال في الإنسان ما ليس فيه. والغيبة: أن يقال في الإنسان ما فيه.
وإن وصف الإيمان يجب أن يكون باعثا لهم على هذا التخلق والأدب.
١١ - دلّ قوله تعالى:{يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً} أي في عائشة، قال الإمام مالك: من سبّ أبا بكر وعمر أدّب، ومن سبّ عائشة قتل؛ لأن الله تعالى يقول:{يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فمن سبّ عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل. وقال ابن كثير: وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه كافر؛ لأنه معاند للقرآن، وهذا ردّ على ما قال ابن العربي:«قال أصحاب الشافعي: من سبّ عائشة رضي الله عنها أدّب كما في سائر المؤمنين، وليس قوله:{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} في عائشة؛ لأن ذلك كفر، وإنما هو كما
قال النبي صلّى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة: «والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه» أي لا يكمل إيمانه، لا أنه سلب الإيمان.
وبوائقه: شروره وآثامه ودواهيه.
١٢ - إن الذين يحبون إشاعة الفاحشة (الفعل القبيح المفرط القبح) في المؤمنين المحصنين والمحصنات كعائشة وصفوان رضي الله عنهما لهم عذاب أليم في الدنيا بالحدّ، وفي الآخرة بعذاب النار أي للمنافقين، أما الحدّ للمؤمنين فهو كفارة. والله يعلم مقدار عظم هذا الذنب والمجازاة عليه، ويعلم كل شيء، والناس لا يعلمون بذلك.