للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محلا للزينة، كالصدر والأذن والعنق والساعد والعضد والساق.

وأما ما ظهر منها فهو الوجه والكفان والخاتم، كما نقل عن ابن عباس وجماعة، وهو المشهور عند الجمهور، ويستأنس له

بالحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا» وأشار إلى وجهه وكفيه. وهو حديث مرسل.

وبناء عليه قال الحنفية والمالكية، والشافعي في قول له: إن الوجه والكفين ليسا بعورة، فيكون المراد بقوله: {ما ظَهَرَ مِنْها} ما جرت العادة بظهوره.

وروي عن أبي حنيفة رضي الله عنه: أن القدمين ليستا من العورة أيضا؛ لأن الحرج في سترهما أشد منه في ستر الكفين، لا سيما أهل الريف. وعن أبي يوسف: أن الذراعين ليستا بعورة، لما في سترهما من الحرج.

وذهب الإمام أحمد، والشافعي في أصح قوليه إلى أن بدن الحرة كله عورة، للأحاديث المتقدمة في نظر الفجأة، وتحريم متابعة النظر،

ولما رواه البخاري عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلم أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه، فطفق الفضل ينظر إلى امرأة وضيئة خثعمية حين سألته، فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلم بذقن الفضل، فحول وجهه عن النظر إليها. ويكون المراد بقوله: {إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها} ما ظهر بنفسه من غير قصد.

والراجح فقها وشرعا أن الوجه والكفين ليسا بعورة إذا لم تحصل فتنة، فإن خيفت الفتنة وحصلت المضايقة وكثر الفساق وجب ستر الوجه. وأما أدلة الفريق الثاني فمحمولة على الورع والاحتياط‍ ومخافة الفتنة والاسترسال في مزالق الشيطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>