الحديث الصحيح المتفق عليه بين الشيخين وأحمد عن أنس:«من رغب عن سنتي فليس مني».
ونهى الحق تعالى عن الامتناع عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة، ووعد بالغنى للمتزوجين الطالبين رضا الله والاعتصام من معاصيه، في قوله:{إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}. فإن وجد متزوج لا يستغني، فلا يخل بمعنى الآية، إذ لا يلزم من هذا دوام الغنى واستمراره، بل لو كان في لحظة واحدة لصدق الوعد، فالمال غاد ورائح، أو أن الغنى مرتبط بمشيئة الله تعالى، ويكون معنى الآية: يغنيهم الله من فضله إن شاء؛ كقوله تعالى:{اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ}[الرعد ٢٦/ ١٣].
وهذه الآية:{إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} دليل على تزويج الفقير، ولا يقول: كيف أتزوج وليس لي مال؛ فإن رزقه على الله. وقد زوّج النبي صلّى الله عليه وسلم المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد، وليس لها بعد ذلك فسخ الزواج بالإعسار؛ لأنها دخلت عليه. وليس في الآية دلالة على منع التفريق بسبب الإعسار بعد أن تزوجت المرأة موسرا، وإنما يفرّق بينهما؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ}[النساء ١٣٠/ ٤]. كل ما في الأمر أن الآية وعد بالإغناء لمن تزوج فقيرا.
ب-وأما إن كان الشخص عاجزا عن تكاليف الزواج، فالله يأمره بالاجتهاد في التعفف، فقال:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ..}. الخطاب لمن يملك أمر نفسه، لا لمن زمامه بيد غيره، فإنه يقوده إلى ما يراه، كالمحجور عليه.
والاستعفاف: طلب أن يكون عفيفا، والله يأمر بهذه الآية كل من تعذّر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه أن يستعفف.
ولما كان أغلب الموانع عن الزواج عدم المال وعد تعالى بالإغناء من فضله،