وقال أبو الدرداء: لا إسلام إلا بطاعة الله، ولا خير إلا في جماعة، والنصيحة لله ولرسوله وللخليفة وللمؤمنين عامة.
ثم أبان الله تعالى أن كل طاعة لله ورسوله محققة الفوز، فقال:
{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ، فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ} أي ومن يطع الله ورسوله فيما أمراه به، وترك ما نهياه عنه، وخاف الله فيما مضى من ذنوبه، واتقاه فيما يستقبل من أيامه، فأولئك هم الذين فازوا بكل خير، وأمنوا من كل شر في الدنيا والآخرة.
ثم قارن الله تعالى موقف هؤلاء بموقف أولئك المنافقين، وهم كثيرون في كل زمان، فعاد إلى كشف موقفهم من الطاعة بعد بيان كراهيتهم لحكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال:
{وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ} أي كان أهل النفاق يحلفون للرسول صلّى الله عليه وسلم مغلّظين الأيمان، مبالغين فيها إلى غايتها: لئن أمرتهم بالجهاد والخروج مع المجاهدين، ليخرجن كما طلبت، فقالوا: والله لئن أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا.
فرد الله تعالى عليهم مبينا أكاذيبهم بقوله:
{قُلْ: لا تُقْسِمُوا، طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} قل يا محمد لهم: لا تحلفوا، فإن المطلوب منكم طاعة معروفة، صدق باللسان، وتصديق بالقلب والأفعال.
وقيل: معناه طاعتكم طاعة معروفة لنا، فهي مجرد طاعة باللسان فحسب من غير تصديق قلبي، وقول لا فعل معه، وكلما حلفتم كذبتم، كما قال تعالى: