الثالث-من بعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت خلع ثياب اليقظة، ولبس ثياب النوم.
فيؤمر الخدم والأطفال ألا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال؛ لما يخشى من انكشاف العورات ونحو ذلك من مقدمات النوم والراحة، فهي ساعات الخلوة والانفراد ووضع الملابس.
والأمر في قوله تعالى:{لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} ظاهر في الوجوب، لكن قال الجمهور: إنه مصروف إلى الندب والاستحباب، والتعليم والإرشاد إلى محاسن الآداب، مثل
قوله صلّى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم عن عبد الله بن عمر:
«مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين».
فلو حدث دخول بغير استئذان لم يكن ذلك معصية، وإنما خلاف الأولى، وإخلال بالأدب. فإن علم الخادم أن في دخوله على سيده إيذاء له، حرم الدخول بسبب الأذى لغيره.
وزعم البعض أن حكم الاستئذان في الأوقات الثلاثة السابقة منسوخ؛ لجريان عمل الصحابة والتابعين في الصدر الأول على خلافه، أو أنه كان يعمل بها عند عدم وجود ستور للبيوت. والأصح أن حكم الاستئذان في هذه الأوقات محكم غير منسوخ، وهو قول أكثر أهل العلم. قال أبو حنيفة رحمه الله: لم يصر أحد من العلماء إلى أن الأمر بالاستئذان منسوخ.
والجمهور على أن الخطاب في الآية عام في الذكور والإناث من الأرقاء، الكبار منهم والصغار. وروي عن ابن عباس أنه خاص بالصغار، كما روي عن السّلمي أنه خاص بالإناث، وكلا الرأيين غير معقول.
والمراد بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} هم الصبيان من الذكور والإناث، سواء أكانوا أجانب أم محارم. وهم المراهقون لقوله تعالى: