قال ابن عطية: وكانت هذه السيرة موروثة عند العرب عن إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ فإنه كان لا يأكل وحده. وكان بعض العرب إذا كان له ضيف لا يأكل إلا أن يأكل مع ضيفه؛ فنزلت الآية مبينة سنّة الأكل، ومذهبة كل ما خالفها من سيرة العرب، ومبيحة من أكل المنفرد ما كان عند العرب محرّما، نحت به نحو كرم الخلق، فأفرطت في إلزامه، وإن إحضار الأكيل لحسن، ولكن بألا يحرم الانفراد.
٤ - يسن السلام عند الدخول على الأهل والأقارب في البيوت المسكونة، وكذا غير المسكونة، فيسلّم المرء فيها على نفسه بأن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وكذا المساجد، فيسلّم على من كان فيها، فإن لم يكن في المساجد أحد، فالسلام أن يقول المرء: السلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال إبراهيم النخعي والحسن البصري عن آية:{فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً} أراد المساجد.
قال ابن العربي:«القول بالعموم في البيوت هو الصحيح، ولا دليل على التخصيص» وأطلق القول ليدخل تحت هذا العموم كل بيت كان لغيره أو لنفسه، فإذا دخل الإنسان بيتا لغيره استأذن كما تقدم، فإذا دخل بيتا لنفسه سلّم، كما ورد في الخبر المتقدم عن ابن عمر، يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإن كان فيه أهله وخدمه فليقل: السلام عليكم. وإن كان مسجدا فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وقال القشيري في قوله:{فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً}: والأوجه أن يقال: إن هذا عام في دخول كل بيت، فإن كان فيه ساكن مسلم يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإن لم يكن فيه ساكن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإن كان في البيت من ليس بمسلم قال: السلام على من اتّبع الهدى، أو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.