المنافقون، أن يتعرضوا لمحنة أو بلاء وامتحان في الدنيا من كفر أو نفاق، أو يصيبهم عذاب مؤلم في الآخرة. وضمير {أَمْرِهِ} إما عائد إلى أمر الله تعالى أو أمر رسوله صلّى الله عليه وسلم.
والاية تدل على ان ظاهر الأمر للوجوب؛ لان تارك المأمور به مخالف لذلك الأمر، ومخالف الأمر مستحق للعقاب، فتارك المأمور به مستحق للعقاب، ولا معنى للوجوب إلا ذلك.
والآية أيضا تعم كل من خالف أمر الله تعالى وأمر رسوله صلّى الله عليه وسلم، وليس المنافقين فقط.
ثم ختم تعالى السورة ببيان نطاق المخلوقات، وأنهم تحت سلطان الله وعلمه، فقال:
{أَلا إِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ}{قَدْ} للتحقيق أيضا كما هو حال ما قبلها، أي إن جميع ما في السموات والأرض مختص بالله عز وجل خلقا، وملكا، وعلما، وتصرفا وإيجادا وإعداما، يعلم كل ما لدى العباد من سر وجهر، فكيف تخفى عليه أحوال المنافقين، وإن اجتهدوا في سترها عن العيون وإخفائها. فقوله:{قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} معناه أنه عالم به، مشاهد إياه، لا يعزب عنه مثقال ذرة، كما قال:{وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ، وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ، إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ}[يونس ٦١/ ١٠].
{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ، فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا، وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي إن الله تعالى سينبئهم يوم القيامة بما أبطنوا من سوء أعمالهم، وسيجازيهم حق الجزاء:{يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ}[القيامة ١٣/ ٧٥]، {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف ٤٩/ ١٨] والله ذو علم شامل محيط بكل شيء، يوفره لهم، ويفاجئهم به يوم الحساب والعرض عليه. وهذا دليل على فصل القضاء الذي يتفرد به الله تعالى.