الديني الذي يتخذ الدنيا وسيلة للحياة، وجسرا إلى الآخرة، وأن الدنيا ليست هي كل هدف الإنسان العاقل، فأمامه عالم آخر، عليه الاستعداد له، والإعداد للظفر بخيراته بالإيمان والعمل الصالح.
٢ - إن دخول الأسواق مباح للتجارة وطلب العيش، وكان صلّى الله عليه وسلم يدخلها لحاجته، ولتذكير الناس بأمر الله ودعوته، وعرض نفسه فيها على القبائل، لعل الله أن يرجع بهم إلى الحق.
وقد تاجر الصحابة وبخاصة المهاجرون في الأسواق، كما خرّج البخاري عن أبي هريرة: «وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق (١) في الأسواق».
٣ - من لم يتأثر بعقل مجرد وقلب طاهر بأقوال النبي صلّى الله عليه وسلم وبرسالته لذاتها، لما فيها من هداية إلى الحق والخير والتوحيد، لم تنفعه إنذارات الملائكة، فما وراء الإنذار إلا العذاب.
٤ - إن الاتهامات الرخيصة والأوصاف المرذولة زائفة باطلة عند أهل الحكمة والاتزان، والحصافة والعقل. فمن يصدّق أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي عرف بالفطنة ورجاحة الرأي والعقل وسداد التفكير ساحر مسحور، وشاعر مأفون، ومجنون مختل العقل؟ إن الواقع خير شاهد على تكذيب تلك المزاعم والافتراءات. ولا تحتاج إلى جواب إلا كما قال تعالى:{اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ}.
٥ - إن فضل الله وخيره ونعمه كثيرة لا تعد ولا تحصى، وقدرته شاملة لكل شيء، إذا أراد شيئا قال له:{كُنْ فَيَكُونُ} لكنه تعالى لا يريد لأنبيائه وأوليائه أن يكونوا أهل غنى وثروة ودنيا، فأهل الغنى والثروة تنتهي سمعتهم بموتهم، ولا يبقى لهم ذكر أو شهرة، وإنما أراد الله تعالى لأنبيائه تخليد آثارهم