ثم أخبر الله تعالى عما يجيب به المعبودون يوم القيامة فقال:
{قالُوا: سُبْحانَكَ، ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ، وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتّى نَسُوا الذِّكْرَ، وَكانُوا قَوْماً بُوراً} أي قال المعبودون بلسان المقال أو الحال على طريق التعجب مما قيل لهم: تنزيها لك يا ربّ مما نسبه إليك المشركون، ما كان يصح لنا بحال أن نتخذ أنصارا من دونك، فنحن الفقراء إليك، وليس للخلائق كلهم أن يعبدوا أحدا سواك، فنحن ما دعوناهم إلى عبادتنا، بل هم فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم من غير أمرنا ولا رضانا، ونحن برآء منهم ومن عبادتهم، وإذا كنا لا نرى من دونك أولياء، فكيف ندعو غيرنا إلى ذلك؟ ولكن طال عليهم العمر، وشغلوا بما أنعمت عليهم من صنوف الخيرات، واستغرقوا في اللذات والشهوات، ونسوا ما أنزلته إليهم على ألسنة رسلك من الدعوة إلى عبادتك وحدك لا شريك لك، وكانوا قوما لا خير فيهم، وهلكى في نهاية الأمر.
{فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ، فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً} أي فقد كذّبكم الذين عبدتم من دون الله فيما زعمتم أنهم لكم أولياء مناصرون، وأنهم يقربونكم إلى الله زلفى، فلا يقدرون، أي الآلهة المزعومة، على صرف العذاب عنهم، ولا الانتصار لأنفسهم بأي حال أبدا، كما قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ. وَإِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً، وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ}[الأحقاف ٥/ ٤٦ - ٦].