أما المؤمنون فكما قال تعالى:{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}[الأنبياء ١٠٣/ ٢١] روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: يا رسول الله: {يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج ٤/ ٧٠] ما أطول هذا اليوم؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده، إنه ليخفّف على المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة، يصليها في الدنيا».
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} أي واذكر أيها الرسول يوم القيامة الذي يعض المشرك وكل ظالم على يديه ندما وحسرة وأسفا على ما فرّط في حياته، وعلى إعراضه عن طريق الحق والهدى الذي جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلم، ويقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول صلّى الله عليه وسلم طريقا إلى النجاة والسلامة.
{يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} أي يا هلاكي احضر فهذا أوانك، ليتني لم أتخذ فلانا الذي أضلني خليلا أي صديقا حميما، أرداني اتباعه، وصرفني عن الهدى، وعدل بي إلى طريق الضلال، سواء في ذلك أبي بن خلف أو أمية بن خلف أو غيرهما.
{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي} هذا من قول الناس، أي لقد ضللني وحرفني عن ذكر الله والإيمان والقرآن بعد بلوغه إلي.
{وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً} هذا من قول الله، لا من قول الظالم أي إن من شأن الشيطان أن يخذل الإنسان عن الحق، ويصرفه عنه، ويدعوه إلى الباطل ويستعمله فيه، ثم يتركه ويتبرأ منه عند المحنة، ولا ينفعه في العاقبة.
والشيطان: إشارة إلى خليله سماه شيطانا؛ لأنه أضله كما يضل الشيطان، أو أراد إبليس وأنه هو الذي حمله على مصادقة أو مخالّة المضل ومخالفة