{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} أي لا يأتيك هؤلاء المشركون المعاندون بحجة أو شبهة، ولا يقولون قولا يعارضون به الحق، والتشكيك في نبوتك إلا أجبناهم بما هو الحق الثابت الذي يدحض قولهم، ويبطل حجتهم، ويكون أصدق في الواقع، وأبين وأوضح وأفصح مما يقولون، كما قال تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ، فَإِذا هُوَ زاهِقٌ}[الأنبياء ١٨/ ٢١].
وبعد وصف القوم المتعنتين رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأوصاف كاذبة، أورد الله تعالى وصفهم يوم القيامة بما يدل على سوء حالهم في معادهم وحشرهم إلى جهنم في أسوأ الحالات وأقبح الصفات، فقال:
{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ، أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً} أي إن أولئك المشركين المفترين على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الذين يسحبون على وجوههم إلى جهنم إذلالا وخزيا وهوانا، ويساقون إليها بالسلاسل والأغلال، هم شر مكانا وهو جهنم من أهل الجنة، وأضل سبيلا وطريقا عن الحق.
والمقصود منه الزجر عن طريقهم، كما في قوله تعالى المتقدم:{أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} فلا يراد من ذلك المفاضلة، وإنما بيان سوء حال أهل النار، وحسن حال أهل الجنة، ولفت نظر الكفار إلى أن مكانهم شر من مكان المؤمنين، وسبيلهم أضل من سبيل المسلمين.
جاء في صحيح البخاري عن أنس أن رجلا قال: يا رسول الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال:«إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة».
وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفا مشاة، وصنفا ركبانا، وصنفا على وجوههم،