للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنب، وندم على المعصية، وكان مؤمنا مصدقا بالله ورسله واليوم الآخر، وعمل الصالحات، فأولئك يمحو الله عنهم بالتوبة السيئات، ويبدلهم مكانها حسنات بإثبات لواحق الطاعة، أو تنقلب تلك السيئات الماضية بنفس التوبة حسنات.

روى أبو ذر عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن السيئات تبدل بحسنات»

وروى أحمد والترمذي والبيهقي عن معاذ أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» وهذا الحديث مؤكد لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} [هود ١١٤/ ١١].

والخلاصة: في معنى قوله {يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ} قولان (١):

القول الأول-أنهم بدّلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات. قال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح، وأبدلهم بالشرك إخلاصا، وأبدلهم بالفجور إحصانا، وبالكفر إسلاما. أي أن التبديل يكون في الدنيا، وأثره في الآخرة.

والقول الثاني-أن تلك السيئات تنقلب بالتوبة النصوح نفسها حسنات، وما ذاك إلا لأنه كلما تذكر ما مضى ندم، واسترجع واستغفر، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار، أي أن التبديل يكون في الآخرة.

والظاهر القول الأول، وأن التوبة تجبّ ما قبلها، وتفتح للتائب صفحة جديدة، فيثاب على الأعمال الصالحة، ويعاقب على السيئات، كغيره من المؤمنين.

{وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً، فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً} أي ومن تاب عن معاصيه، وعمل الأعمال الصالحة، فإن الله يقبل توبته، لأنه رجع إلى الله رجوعا مرضيا عند الله، فيمحو عنه العقاب، ويجزل له الثواب.


(١) تفسير الرازي: ١١٢/ ٢٤، تفسير ابن كثير: ٣٢٧/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>