بعددهم. قال ابن إسحاق: وكان أمرهم راجعا إلى أربعة منهم وهم رؤساؤهم وهم:
سابور وعاذور وحطحط ومصفى.
وأراد موسى عليه السلام أن تقع تلك المبارزة يوم عيد لهم، ليكون ذلك أمام حشد عظيم، ولتظهر حجته عليهم أمام الجموع الغفيرة، وهذا كله من لطف الله تعالى في إظهار أمر موسى عليه السلام.
{وَقِيلَ لِلنّاسِ: هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ}؟ أي طلب من الناس الاجتماع، وحثهم قوم فرعون على الحضور لمشاهدة ما يحدث من الجانبين، ثقة من فرعون بالغلبة، وهم أرادوا ذلك حتى لا يؤمن أحد بموسى، وموسى عليه السلام رغب أيضا في هذا التجمع لتعلو كلمة الله، وتتغلب حجة الله على حجة الكافرين.
{لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ} أي وقال قائلهم: إنا نرجو أن يتغلب السحرة، فنستمر على دينهم، ولا نتبع دين موسى. ولم يقولوا: نتبع الحق، سواء كان من السحرة أو من موسى؛ لأن الرعية على دين ملكهم.
{قالَ: نَعَمْ، وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} أي لما قدم السحرة إلى مجلس فرعون، وقد جمع حوله وزراءه ورؤساء دولته وجنود مملكته، قالوا: هل لنا أجر من مال أو غيره إن تغلبنا على موسى، قال: نعم لكم الأجر، وزيادة على ذلك أجعلكم من المقربين عندي ومن جلسائي، فهم ابتدؤوا بطلب الجزاء: وهو إما المال وإما الجاه، فبذل لهم كلا الأمرين.
وبعدئذ تحاوروا مع موسى على البادئ بالإلقاء، فجعلهم أولا كما قال تعالى:
{قالَ لَهُمْ مُوسى: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ، فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ، وَقالُوا: بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ} أي أذن لهم موسى بالبدء بالإلقاء، وقال: ألقوا ما تريدون إلقاءه من العصي والحبال، ثقة منه بأن الله غالبة ومؤيده، وليكون