نفوسهم أي وسيلة علاج أو إصلاح، كما قال تعالى:{وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ، فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ، لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ}[الأنعام ٧/ ٦].
وهذا أيضا مما يفيد تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم؛ لأنه إذا عرف هذا الرسول إصرارهم على الكفر، وأنه تمّ القضاء به لسبق علم الله بموقفهم المتصلب الذي لا يتغير، حصل له اليأس من إيمانهم والاطمئنان على سلامة موقفه منهم، وأنه لا ضير عليه في ذلك.
وزاد في التأكيد والتوضيح والبيان فقال:
{لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} أي إنهم يظلون كافرين، غير مؤمنين بالحق، جاحدين له في قلوبهم، لا يزالون على التكذيب به، حتى يعاينوا العذاب الشديد الألم.
ثم أخبر الله تعالى عما هو أشد من العذاب وهو مجيئه فجأة، فقال:
{فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي إن هذا العذاب يأتي أولئك المكذبين بالقرآن فجأة، دون أن يشعروا بمجيئه، وحينئذ يتحسرون، كما قال تعالى:
{فَيَقُولُوا: هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ}؟ مؤخرون، أي إنهم يتمنون حينئذ تأخير العذاب قليلا حينما يشاهدونه، ليتداركوا ما فاتهم، ويعملوا في زعمهم بطاعة الله تعالى، ولكن لا ينفعهم الندم ولن يؤجلوا؛ لأنهم يعلمون ألا ملجأ في الآخرة، وإنما يذكرون ذلك استرواحا.
ومع هذا البيان والإنذار تغلب عليهم الحماقة والجهل، فيطلبون تعجيل العذاب، فقال:{أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ}؟ أي كيف يطلبون تعجيل