للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث-أن الآفة إذا حلت في الدماغ اختل العقل، مثل الجنون والنزف الدماغي.

الرابع-جرى العرف على أن من أريد وصفه بقلة العقل، قيل: إنه خفيف الدماغ، خفيف الرأس.

الخامس-أن العقل أشرف أجزاء الإنسان، فيكون مكانه أشرف، والأعلى هو الأشرف، وذلك في الدماغ، لا القلب.

ورأيي هو ترجيح الرأي الثاني؛ لأن العلم الحديث أجري مئات التجارب على الدماغ وما فيه من مخ ومخيخ، فوجد أنه محل العقل والإحساس والتنبيه والذاكرة وغير ذلك من وظائف الدماغ، فدل على أنه هو محل العقل. أما الآيات القرآنية المتقدمة التي يفهم منها كون العقل في القلب، فذلك من قبيل الإطلاق العرفي السائد في الكلام، والذي يراد به العقل، فيقال: لا قلب عنده، أي لا عقل.

أما القيم الأدبية أو الأخلاقية: فمحلها القلب باعتباره المعبر عن النفس الإنسانية التي لا حياة فيها إلا بالقلب.

ثم إن المعاني المتقدمة التي تختص بالقلوب، ويراد بها المعاني العقلية كالنية والمعلومات والمعارف، قد تنسب إلى الصدر تارة، وإلى الفؤاد أخرى. أما الصدر: فلقوله تعالى: {وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ} [العاديات ١٠/ ١٠٠]، وقوله:

{وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ} [آل عمران ١٥٤/ ٣]، وقوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} [الملك ١٣/ ٦٧]، {إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ} [آل عمران ٢٩/ ٣].

وأما الفؤاد فقوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ} [الأنعام ١١٠/ ٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>