للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه. {وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} بشارة بالرسالة والنبوة. فأرضعته ثلاثة أشهر، ولما ألح فرعون في طلب المواليد وأرسل الجواسيس للبحث، وضعته في تابوت مطلي بالقار من الداخل، وألقته في بحر النيل ليلا. {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} الالتقاط‍: أخذ الشيء فجأة من غير طلب له ولا إرادة. أي التقط‍ أعوان فرعون التابوت صبيحة الليل، ووضعوه بين يديه، ففتحه وأخرج موسى منه.

{لِيَكُونَ لَهُمْ} في عاقبة الأمر. {عَدُوًّا} ينقض لهم جذور تدينهم. {وَحَزَناً} يزيل ملكهم، وحزن: اسم فاعل من حزن كأحزن، وقرئ «حزنا».

{وَهامانَ} وزير فرعون. {خاطِئِينَ} آثمين عاصين، من الخطيئة وهي هنا الشرك، مأخوذ من خطئ: تعمد الخطأ. أما أخطأ: فمعناه لم يصب، بغير تعمد. {وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} وقد همّ مع أعوانه بقتله. {قُرَّتُ عَيْنٍ} أي هو قرة عين، أي مصدر فرح وسرور، يقال: قرّت به العين، أي فرحت وسرّت. {لا تَقْتُلُوهُ} خطاب بلفظ‍ الجمع للتعظيم. {عَسى أَنْ يَنْفَعَنا} فإن فيه مخايل اليمن ودلائل النفع. {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} أو نتبناه، فإنه أهل له. {هُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي والحال أنهم لا يشعرون بعاقبة أمرهم معه، وأنهم مخطئون في التقاطه وفي طمع النفع منه.

{وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً} أي خاليا من العقل، لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد فرعون عدو بني إسرائيل، مثل قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} [إبراهيم ٤٣/ ١٤] أي لا عقول فيها. {إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أي لتظهر بأنه ابنها. {لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها} بالصبر، أي سكّناه وثبتناه. {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} المصدقين بوعد الله.

وجواب {لَوْلا} دل عليه ما قبله.

{قُصِّيهِ} اقتفي أثره وتتبعي خبره حتى تعلمي مصيره. {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي أبصرته عن بعد اختلاسا. {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} لا يدرون أنها أخته وأنها ترقبه. {وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ} قبل رده إلى أمه، أي منعناه أن يرتضع من المرضعات، فلم يقبل ثدي واحدة من المراضع المحضرة له. {فَقالَتْ} أخته. {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} أي يتكفلون أو يضمنون إرضاعه والقيام بشؤونه لأجلكم. {وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ} لا يقصرون في إرضاعه وتربيته.

{كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها} بلقائه. {وَلا تَحْزَنَ} حينئذ بفراقه. {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} لتعلم علم مشاهدة أن وعد الله برده إليها صدق. {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي ولكن أكثر الناس لا يعلمون بهذا الوعد، ولا بأن هذه أخته وهذه أمه، فمكث عندها إلى أن فطمته، ثم تربى عند فرعون.

{وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} غاية نموه، وهو مفرد جاء على وزن الجمع، وبلوغ الأشد: من ثلاثين إلى أربعين سنة، فإن العقل يكمل حينئذ. {وَاسْتَوى} اكتملت أو نضجت قواه الجسدية والعقلية

<<  <  ج: ص:  >  >>