{قُلْ: فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي قل يا محمد لقومك: ائتوا بكتاب آخر من عند الله أصلح لهداية البشر من التوراة والقرآن، وأكثر نفعا وهداية، لكي أتبعه مع غيري، إن كنتم صادقين فيما تقولون أو تدّعون، وتدافعون به الحق، وتعارضون به من الباطل.
وهذا تنبيه على عجزهم عن الإتيان بمثل القرآن.
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ} أي فإن لم يجيبوك عما قلت لهم ولم يتبعوا الحق، ولم يفعلوا ما كلفتهم به من الإيمان بالقرآن وبرسالتك، فاعلم أنهم في عقائدهم الباطلة يتبعون أهواءهم بلا دليل ولا حجة، فهم جماعة أهواء.
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً} أي وليس هناك أشد ضلالا عن طريق الهدى والرشاد ممن سار مع هواه، وانقاد لشهواته بغير حجة مأخوذة من كتاب الله، ولم يقم له دليل صائب عن الله، وهذا دليل على بطلان أو فساد التقليد في العقائد، وأنه لا بدّ من الحجة والاستدلال.
{إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} أي إن الله لا يوفق للحق والرشاد الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والعصيان، وتكذيب الرسل، واتّباع الأهواء. وهذا عام يتناول كل كافر.
وأما حكمة إنزال القرآن منجما فهي:
{وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي ولقد أتبعنا بعض القرآن بعضا في النزول لقريش، حسبما تقتضي الحكمة، وتدل عليه المصلحة، ويلائم كل