للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجة، وهما محالان، ومستلزم المحال محال، فذلك محال من الله تعالى، والمحال لا يجوز تعليقه في المشيئة (١).

ثم أخبر الله تعالى عن شبهة المشركين في عدم إيمانهم بالنبي صلّى الله عليه وسلم، واعتذارهم بعذر واه، فقال:

{وَقالُوا: إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا} أي قال المشركون:

نخشى إن اتبعنا ما جئت به من الهدى، وخالفنا ما حولنا من أحياء العرب المشركين أن يقصدونا بالأذى والمحاربة، ويتخطفونا أينما كنا، ويخرجونا من ديارنا.

فأجاب الله تعالى عن شبهتهم بثلاثة أجوبة:

١ - تأمين الحرم: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنّا، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي إن هذا الاعتذار كذب وباطل، لأن الله تعالى جعلهم في بلد أمين، وحرم آمن معظّم منذ وجد، فكيف يكون هذا الحرم آمنا لهم في حال كفرهم وشركهم، ولا يكون آمنا لهم إن أسلموا واتبعوا الحق؟ ومن خصائص الحرم المكي: أنه يحمل إليه من سائر الثمار في كل البلدان، كما تحمل إليه أصناف المتاجر والأمتعة، تفضلا بالرزق من عند الله، ولكن أكثرهم جهلة لا يفطنون (٢) لما فيه الخير والسعادة، ولا يتفكرون ليعلموا الأحق بالعبادة، ويقلعوا عن عبادة ما سواه.

٢ - التذكير بإهلاك الأمم: {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها، فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاّ قَلِيلاً، وَكُنّا نَحْنُ الْوارِثِينَ} أي ليعلم


(١) تفسير الرازي: ٣/ ٢٥
(٢) فطن للشيء يفطن بالضم فطنة، وفطن-بالكسر-فطنة أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>