وفي الآية دليل على أن النبي الأمي وهو محمد صلّى الله عليه وسلم المبعوث من أم القرى (مكة) رسول إلى جميع القرى من عرب وعجم، كما قال تعالى:{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها}[الشورى ٧/ ٤٢] وقال سبحانه: {قُلْ: يا أَيُّهَا النّاسُ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}[الأعراف ١٥٨/ ٧] وقال عز وجل: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام ١٩/ ٦].
٣ - التدين أو الإيمان لا يضيع منافع الدنيا:{وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها، وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى، أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي إن الدنيا وما فيها من زينة وزخرف ومتاع فانية حقيرة بالنسبة لما أعده الله لعباده الصالحين من المنافع والنعم في الدار الآخرة، فكل ما أعطيتم أيها الناس من أموال وأولاد وزينة وزخارف، فهو مجرد متاع مؤقت وزينة زائلة، لا يجدي عند الله شيئا، وهو زائل وزهيد إذا قيس بنعم الآخرة، فنعيم الآخرة باق دائم خير في ذاته من متاع الدنيا، كما قال تعالى:{ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ}[النحل ٩٦/ ١٦] وقال سبحانه: {وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ}[آل عمران ١٩٨/ ٣] وقال عز وجل: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى}[الأعلى ١٦/ ٨٧ - ١٧]
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الحديث الثابت:«والله، ما الحياة الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم أصبعه في اليمّ، فلينظر ماذا يرجع إليه»!! أفلا يعقل ويتفكر من يقدّم الدنيا على الآخرة، أفلا يتدبر من يؤثر الفاني على الباقي!! ألا فليفكر الإنسان في اختيار ما هو الخير الدائم له، ويترك الشر الذي يصيبه بالأذى.