للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها تفنيد لمزاعم الكفار في شفاعة الآلهة المختلقة، ونصرتها لعابديها في عالم الحساب في الآخرة.

ففي التساؤل الأول تتبدد الآمال، وتزول الرجاءات، وتنقطع الأطماع، فلا يجد العابدون فائدة في نصرة الشركاء وشفاعتهم لهم، ويتبرأ بعضهم من بعض، فالشياطين يتبرءون ممن أطاعهم، والرؤساء يتبرءون ممن قبل منهم، وتقع الكارثة، ويبهت المجرمون الكافرون، كما قال تعالى: {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزخرف ٦٧/ ٤٣].

وفي التساؤل الثاني تشتد الحيرة وتسيطر الدهشة، فيستغيث الكفار بآلهتهم التي عبدوها في الدنيا لتنصرهم وتدفع عنهم عذاب يوم القيامة، فلا يجدون جوابا لاستغاثتهم، ولا صدى لدعائهم، ولا ينتفعون أصلا بهم، وودّوا حين رأوا العذاب محدقا بهم لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا إلى الإيمان بالله تعالى والعمل بكتابه وبما جاء به رسوله.

وفي التساؤل الثالث وهو الأمر الحاسم يطلب منهم الجواب عما أجابوا به رسل الله وأنبياءه الكرام لما بلغوهم رسالات ربهم، ولكنهم يسكتون بسبب الحيرة والهول واستيلاء الدهشة عن الجواب، وتخفى عليهم الحجج، فلا يجدون حجة لهم يوم القيامة، ولا يتمكنون من سؤال بعضهم بعضا عن الحجج؛ لأن الله تعالى أدحض حججهم، وأخرس ألسنتهم، إذ كل ما يقولونه باطل محض لا خير فيه.

وفي هذا إثبات التوحيد والنبوة.

وأمام هذه الصورة الكئيبة والحالة المفجعة، فتح الله أمام أولئك المشركين والكفار باب الأمل بالفوز والفلاح وإحراز السعادة، وهو باب التوبة، وطريق أهل الحق والإيمان، وحكم سبحانه أنه بالرغم من سوء حال المشركين الماضية في الدنيا لو تابوا من الشرك، وصدقوا بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر،

<<  <  ج: ص:  >  >>