٣ - كان عقاب قارون في الدنيا الخسف به وبداره الأرض، فأصبح كأن لم يكن، وله في الآخرة عذاب النار، ولم يكن له في الحالين جماعة ينصرونه ويمنعونه من عذاب الله، وما كان من المنتصرين الممتنعين من العذاب.
٤ - إن في ذلك لعبرة للمتأمل، فقد ندم الذين تمنوا أن يكونوا مثله، وتنبهوا إلى حقيقة الأمر، وتعجبوا من تعجيل العقاب، وأدركوا أن سعة الرزق ليست دليلا على رضوان الله، كما أن تقتير الرزق ليس علامة على سخط الله، وحمدوا الله على فضله ورحمته وعصمته من مثل ما كان عليه قارون من البغي والبطر وما نزل به من العقاب، وأيقنوا أن لا فلاح ولا فوز عند الله للكافرين به، المكذبين رسله، الجاحدين نعمته.
٥ - إن عاقبة الكبر والتعالي وخيمة، وإن الاغترار بالأموال والأوصاف نذير سوء، ذكر الحافظ محمد بن المنذر في كتاب «العجائب الغريبة» عن نوفل بن مساحق قال: رأيت شابا في مسجد نجران، فجعلت أنظر إليه، وأتعجب من طوله وتمامه وجماله، فقال: ما لك تنظر إلي؟ فقلت: أتعجب من جمالك وكمالك. فقال: إن الله ليعجب مني، قال: فما زال ينقص حتى صار بطول الشبر، فأخذه بعض قرابته في كمه، وذهب به.
وهذا واضح اليوم حين يفترس السرطان جسد الإنسان، فيتآكل عظمه من الداخل تدريجيا، ويضمر ويصيبه الهزال الشديد، حتى يصبح قزما صغيرا، ثم يموت.