للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيخلطونه، ثم ينفقونه، وقد يختلف أكل الناس. ويدل لجواز المناهدة أيضا قوله تعالى في قصة أهل الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً} [الكهف ١٩/ ١٨] فكان الورق (الفضة) لهم جميعا بقوله:

{بِوَرِقِكُمْ} فأضافه إلى الجماعة، وأمر أحدهم بالشراء، ليأكلوا جميعا منه (١).

ودل قوله: {إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} على أن التجارة في مال اليتيم وتزويجه ليس بواجب على الوصي، لأن ظاهر اللفظ‍ يدل على أن مراده الندب والإرشاد.

ودل ظاهر الآية على أن ولي اليتيم يعلّمه أمر الدنيا والآخرة، ويستأجر له ويؤاجره ممن يعلّمه الصناعات. وإذا وهب لليتيم شيء، فللوصي أن يقبضه لما فيه من الإصلاح (٢).

أما الإشهاد من الوصي أو الكفيل على الإنفاق من مال اليتيم، فله عند المالكية حالتان: حالة يمكنه الإشهاد عليها، فلا يقبل قوله إلا ببينة، كإعطاء الأم أو الحاضنة النفقة والكسوة، فلا يقبل قوله على الأم أو الحاضنة إلا ببينة أنها كانت تقبض ذلك له مشاهرة أو مساناة (سنويا). وحالة لا يمكنه الإشهاد عليها، فقوله مقبول بغير بينة، كالأكل واللبس في كل وقت.

وقد نشأت من هذه الآية مذاهب في تزويج الرجل نفسه من يتيمته إن كانت تحل له، وفي الشراء لنفسه من مال اليتيم.

فقال مالك: لا يزوج الرجل نفسه من اليتيمة، ولكن يشتري لنفسه من مال اليتيم.

وقال أبو حنيفة: إذا كان الإصلاح خيرا فيجوز تزويجه ويجوز أن يزوّج منه. وله كما قال مالك أن يشتري من مال الطفل اليتيم لنفسه بأكثر من ثمن


(١) أحكام القرآن: ٣٣١/ ١.
(٢) المرجع والمكان السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>