جاء في آية أخرى:{أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ، إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ}[الأعراف ٨٢/ ٧].
ولما يئس لوط من استجابة قومه طلب من الله النصرة عليهم فقال:
{قالَ: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} أي قال لوط داعيا: رب انصرني على هؤلاء القوم المفسدين في الأرض بابتداع الفاحشة.
ومن المعلوم أنه ما طلب نبي من الأنبياء هلاك قوم إلا إذا علم أن عدمهم خير من وجودهم، كما قال نوح:{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ، وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً}[نوح ٢٧/ ٧١] أي لا مصلحة ولا خير يرتجى فيهم لا حالا، ولا مآلا في المستقبل.
فاستجاب الله دعاءه، وبعث ملائكة العذاب لنصرته:
{وَلَمّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى، قالُوا: إِنّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ، إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ} أي بعث الله ملائكة، فمروا على إبراهيم عليه السلام في هيئة أضياف، فجاءهم بما ينبغي للأضياف، فلما رأى أنه لا رغبة لهم في الطعام خاف منهم، فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بولد صالح من امرأته «سارّة» وهو إسحاق، ومن بعده يعقوب، ثم أخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم لوط؛ لأنهم قوم ظالمون أنفسهم بكفرهم وتكذيبهم رسولهم وتماديهم في الفساد والفحش.
فأخذ إبراهيم يدافع، لعلهم يمهلونهم، ولعل الله يهديهم، وأشفق على ابن أخيه لوط، فقال:
{قالَ: إِنَّ فِيها لُوطاً، قالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها، لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ، كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ} أي قال إبراهيم مشفقا على لوط: إن في القرية لوطا، وهو غير ظالم، وهو رسول، فقالت الملائكة الرسل: نحن أعلم منك بمن