للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتداء الناس بهما، والزهد بالمسلمات، أو خشية الوقوع بالمومسات، أو غير ذلك من المعاني والحكمة البعيدة الأفق بالنظر لمصلحة المسلمين العامة.

وأما الكتابية الحربية: فلا تحل في رأي ابن عباس، لقوله تعالى: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله {صاغِرُونَ} [التوبة ٢٩/ ٩] وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرّفها في الخمر والخنزير.

واتفق أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم على حرمة نكاح نساء المجوس، لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ} وهن الوثنيات والمجوسيات.

وأجمعت الأمة على حرمة زواج المسلمة بالكافر، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام، ولما بينا سابقا، وللآية: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك.

ودلت آية {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} على أن لا نكاح إلا بولي، وهو رأي جمهور العلماء

لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا نكاح إلا بولي» (١)

وقوله: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها» (٢). وأجاز أبو حنيفة للمرأة مباشرة عقد زواجها بنفسها أو بالوكالة عن غيرها، لكمال أهليتها، ولإسناد لفظ‍ النكاح إلى المرأة في آيات كثيرة، مثل {حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة ٢٣٠/ ٢] ومثل: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ} [البقرة ٢٣٢/ ٢] والمراد بالعضل: منع النساء من مباشرة عقد الزواج عند اختيارهن الأزواج. وحملوا

حديث «لا نكاح إلا بولي» على الكمال أو الندب والاستحباب، لا على الوجوب.


(١) رواه أصحاب السنن الخمسة إلا النسائي عن أبي موسى الأشعري.
(٢) رواه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>