احتجاج على المكذبين في صحة شهادة النبي صلّى الله عليه وسلّم عليهم، لأنهم أقروا بعلم الله الشامل، فلزمهم أن يقرّوا بشهادته.
٦ - إن المشركين أو الكفار الذين يؤمنون بالباطل وهو إبليس أو بعبادة الأوثان والأصنام، ويكفرون بالله لتكذيبهم برسله، وجحدهم لكتابه، وإشراكهم به الأوثان، وإضافة الأولاد والأضداد إليه، هم الخاسرون أنفسهم وأعمالهم في الآخرة. وهذا يشمل أهل الكتاب، لأنهم لم يؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ولا بأن القرآن منزل من عند الله تعالى، فدل ذلك على أن الآية إنذار عام شامل.
٧ - قال المشركون لفرط الإنكار والإمعان في الكفر: عجل لنا هذا العذاب الذي توعدنا به، كما قال النضر بن الحارث وأبو جهل فيما أخبر القرآن:{اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ}[الأنفال ٣٢/ ٨] وقالا: {رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ}[ص ١٦/ ٣٨].
٨ - اقتضت الحكمة الإلهية رحمة بالناس وإعطائهم فرصة كافية للإصلاح والتوبة تأخير العذاب إلى أجل محدد ووقت معين وهو يوم القيامة، فلكل عذاب أجل لا يتقدم ولا يتأخر، بدليل قوله تعالى:{لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ}[الأنعام ٦٧/ ٦]. وسيأتي العذاب الذي استعجلوه حتما فجأة، وهم لا يعلمون بنزوله.
٩ - إن كفار قريش وأمثالهم يستعجلون نزول العذاب، وقد أعد الله لهم جهنم، وأنها ستحيط بهم لا محالة، فما معنى الاستعجال؟ وإن ذلك العذاب يصيبهم يوم القيامة من جميع جوانبهم، فإذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم، ويقال لهم من قبل الملك بأمر الله: ذوقوا ما كنتم تعملون.